Skip to main content

القدر الضروري من المقدمة

source: https://www.facebook.com/Dar.alghazali
[1]قال المصنِّف والشارح رحمهما الله تعالى ونفعنا بعلومهما وعلوم شيخنا في الدارين آمين:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الملهمِ للصواب، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الناطق بالحكمة وفصل الخطاب، وعلى آله وأصحابه الكرام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان على الدوام.
وبعد: فيقول الشيخ الإمام العالم العلّامة الحبر الفهّامة شمس الملة والدين أحمد الدمنهوريّ –بلغه الآمال ورزقه التوفيق في الأقوال والأفعال- قد سألني بعض الطلبة المبتدئين، أن أشرح <<سلّمَ المنطق>> شرحا يكون في غاية اللين، وأن لا أزيد على حلّ ألفاظه لِيظفرَ بفهم معناه من هو من حفّاظه. فأجبته لذلك مستعينا بالقادر المالك، وسمّيته بإيضاح المبهم من معاني السلّم، طالبا من السميع البصير، أن ينفع به كما نفع بأصله إنّه على ذلك قدير.
ثمّ قال:
وبـعــد فـالـمــنطـق لـلــجـنــانِ
*
نســـبـتـــه كـالـنـــحـو لـلّــســـانِ
فيعصم الأفكــــار عن غيّ الخطَــا
*
وعن دقــيق الفهم يكشف الغطَـــا
فـهـــــاك مـن أصــــولـه قـواعـدَ
*
تـجـمع مـن فـنــــــونـه فـوائــــدَا
أقول: لفظة ((*بعد)) تكون ظرفَ زمانٍ؛ كما في قولك: جاء زيدٌ بعدَ عمرٍو، وظرفَ مكانٍ؛ كما في قولك: دارُ زيدٍ بعدَ دارِ عمرٍو.
ويصحُّ استعمالُها هنا في المعنيينِ باعتبارين: باعتبار أنّ زمنَ النطقِ بما بعدها بعدَ زمنِ النطق بما قبلها، أو باعتبارِ أنّ مكانَه في الرقم بعده.
وهي هنا دالةٌ على الإنتقال من كلامٍ إلى آخرٍ فلا يُؤتَى بها في أوّلِ الكلام.
و((*المنطق)) مصدر ميميّ، يُطلَق بالإشتراك على النُّطقِ بمعنى اللفظ، وعلى الإدراك.
والمراد به هنا: الفنّ المؤلَّف فيه هذا الكتاب. سمِّي بهذا الإسم؛ لأنّه يُقوِّي الإدراك ويعصمه عن الخطإ. فهو قانونٌ تعصم مراعاتُه الذهنَ عن الخطإ في فكره.
فمن راعى قواعدَ هذا الفنّ لا يتطرّق إليه الخطأ في الفكر، كما أنّ من راعى قواعد النحو لا يتطرّق إليه الخطأ في المقال. وإلى هذا المعنى أشار بقوله: ((*فالمنطق للجنان *نسبته كالنحو للسان *فيعصم الأفكار)) أى: يحفظُها ((*عن غيّ الخطإ)).
و((*الجنان)) يُطلَق على القلب، والمراد به هنا: القوّة المفكّرة. وإضافة ((*غي)) إلى ((*الخطإ)) من إضافة العامّ إلى الخاصّ؛ إذ الغي الضلال والخطأ نوع منه.
قوله: ((*وعن دقيق الفهم)) من إضافة الصفة إلى الموصوف. فالمصدر بمعنى: اسم مفعول، أى: المفهوم الدقيق. و((*الغِطا)) بكسر الغين.
والمعنى: أنّ من تمكّن من هذا الفنّ صار النظريّ من المعانى المستورة ضروريّا مكشوفا واضحا له، وهذا أمر مُشاهَد لا يحتاج لبيان.
و((*هاك)) اسم فعل بمعنى: خذ، و((*قواعد)) معموله، و((*من أصوله)) حال من قواعد، و((*من)) تبعيضية، أى: خذ قواعد هي بعض أصوله، أى: قواعده؛ إذ القاعدة والأصل بمعنى واحد، وهو أمر كلي ينطبق على جميع جزئياته؛ كقول النحاة: الفاعل مرفوع، وقول المناطقة: الموجبة الكليّة عكسها موجبة جزئيّة.
و((*الفنون)) الفروع، و((*الفوائد)) جمع فائدة، وهي في الأصل: ما استُفيد من علمٍ أو مالٍ.
والمعنى: أن هذه القواعد تجمع فروعا والفروع تشتمل على فوائد.
***



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للهِ رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتمُّ التسليم على سيِّدنا محمّدٍ، وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين.
أمَّا بعد: أعتدنا في شرحنا للكتب أن نترك المقدمة والخاتمة، وذلك لما أنّ المقدمة والخاتمة تشتمل على مباحثَ ترجع إلى علم النحو، وعلم المنطق، وعلم الأصول، وعلم البلاغة، وعلم الكلام، وعلم الفلسفة، أو ترجع إلى أكثر هذه العلوم. وهذا في الحقيقة يصعب التعرُّضُ له على المبتدئين.
فإنَّنا إذا تعرَّضنا لمقدمةٍ وتكلَّمنا في هذه المقدمة عن إعراب هذا البيت، مثلا قد تكلَّم الشارح وأردنا أن نشرح كلامه، يصعب ذلك على المبتدئ. وإذا أتى بشيءٍ يرجع إلى علم المنطق وأردنا أن نشرحه يصعب ذلك على المبتدئ في علم المنطق؛ لأنّه لم يدرس المنطقَ بعض.
وأيضا إذا جاء في المقدمة شيء يتعلَّقُ بعلم الأصول –أصول الفقه- فيصعب شرحُه أو يصعب تفهيمُه لطالب لم يدرس الأصول، مع أنَّ هذه المقدمة قد تكون في كتاب في النحو، والنحو يسبق الأصول بعلوم كثيرة، فكيف يُشرَح؟.
فقد تبيَّن الآن أنَّ التعرّضَ للمقدِّمة أو الخاتمة فيه صعوبة على المبتدئين، فلذلك نترك الكلام على المقدمات وعلى الخواتم. ونأخذ منها القدر الذي يتعلَّقُ بالفنِّ، ولا يكون صعبا على الطلَّابِ.
من القواعد المقرّرة عند العلماء أنّه لابدّ لكل شارعٍ في كثرةٍ من تصورها، أى: من تصور هذه الكثرة بوحدة ما. هذه القاعدةُ مهمَّةٌ وهي مشهورة عند العلماء أنَّه لابدَّ لكل شارع في كثرة، أى: في أمور كثيرة، من أن يتصوَّرَها بوحدةٍ ما.
فإذا أراد المبتدئُ أن يشرع في علمٍ من العلوم، فهو حينئذٍ يريدُ أن يشرعَ في كثرةٍ. لماذا؟، لماذا هو يريد أن يشرع في كثرة؟ لأنَّ العلم له عندهم تعريفاتٌ ثلاثةٌ: التعريف الأوَّل: الإدراك، الثانى: الملكة، الثالث المسائل.
أمَّا الإدراك فسيأتي في فصل أنواع العلم الحادث. وأمَّا الملكة: فهي الإدراك الراسخ، التي تحصل للإنسان أو للشخص المزاول لهذا الإدراك. فلا شكَّ أنَّ إدراكَ العالمِ الكبير كسيبويهِ مثلًا للنحو ليس كإدراكِ الطالبِ المبتدئ، وليس كإدراكِ المُحصِّل، سواءٌ كان مبتدئًا، أو متوسّطًا، أو منتهيًا. لماذا؟ لأنَّه قد زاوله كثيرا، فحصلت له في هذا الفنِّ، أى: في إدراكات مسائله ملكةٌ راسخةٌ من هذه المزاولة.
وأمَّا المسائل وهي المرادة في قولنا: علم كذا، علم المنطق، علم النحو، علم البلاغة. فالمرادُ في هذه الألقاب هو المسائل، فمعنى علم النحو أى: مسائل النحو، ومعنى علم المنطق أى: مسائل المنطق، ويُمكِن أيضا أن تكون بمعنى الإدراك أو الملكة.
فإذا قلنا: العلم بمعنى المسائل ولا شكَّ في أنّ المسائلَ كثيرة؛ لأنَّ العلم لا يكون مسألة واحدة وإنَّما يكون مُؤَلَّفا من مسائل، كثيرة كما نرى في الكتب. فإذا أراد الطالب أن يشرع في العلم، فمعنى ذلك أنَّه يريد أن يشرع في كثرة. فلذلك قلنا: لابدَّ لكل شارع في كثرة من أن يتصوّرَهَا بوحدةٍ ما.
لماذا قلنا ذلك في بدايةِ دراسةِ العلم؟ لأنَّ طالبَ العلمِ يريد أن يتعلَّم، أى: يريدُ أن يفهمَ هذا العلم، وفهمُهُ يتعلَّقُ بأمورٍ كثيرة.
§          هل يمكن له أن يتصوَّرَ أو أن يفهمَ هذه المسائل الكثيرة دفعةً واحدة؟، في بداية دراسته هل يمكن له أن يفهم هذه المسائل الكثيرة مرَّةً واحدة؟، هذا لا يمكن. لماذا؟ لأنَّها كثيرة، والفهم في المرَّةِ الواحدةِ لا يتعلَّقُ إلَّا لشيءٍ واحد.
§          هل يشرع في هذه المسائل ولم يتصوَّر شيئا منها أو لم يعلم عنها شيئا؟.
إمَّا أن يتصوَّرها بتمامها دفعة واحدة أو لا يتصوَّر شيئا منها. قلنا: الفرض الأوَّل لا يمكن، وهو التصوُّرُ دفعة. أمَّا الثانى وهو أن لا يتصوَّرها، أن يكون جاهلا بها، فكيف يشرع فيها؟.
كيف يشرع الإنسان في أمر يجهله؟. هذا أمر لا يمكن؛ لأنَّه لابدَّ له من أن يتصوَّرَ هذه الأمور، ولو تصوُّرًا بعيدًا. مثلا قلنا لإنسان: خذ هذا الكتاب وافهم ما فيه من المسائل، وهذا الطالب لا يعرف هذا الكتاب في أيِّ فنٍّ، ولم يقرأ شيئا عن هذه المسائل ولم نخبره بفائدة دراسة هذه المسائل. كيف يدرس هذه المسائل؟، هذا جاهل لهذه المسائل مسألة مسألة، وأيضا يجهلها من جميع الوجوه، كيف يشرع فيها؟، هذا مستحيل.
إذن تصوُّرُها بتمامها لا يمكن، وعدم تصوّرها بتمامها لا يمكن الشروع معه. فلابدَّ من تصوُّرِها بأمرٍ واحدٍ يجمعُها.
هذا هو ما قاله العلماء في قولهم: لابدّ لكل شارع في كثرة ككثرة المسائل هنا، من أن يتصوّرها بوحدة، أى: بأمر واحد بجهة واحدة، ما، فلا تتعيَّنُ وحدةٌ ما، بل لابدَّ وأن يتصوَّرَها من أيِّ جهة، كأن نقول لك: خذ هذا الكتاب إذا درسته أمكنك أن تصلي صلاة صحيحة، خذ هذا الكتاب إذا درسته فهمت الإعراب. هذا وجه.
هذه المسائل في علم النحو التي لم نخبره بذلك وليس مكتوبا في الكتاب أنّها في علم النحو، هي مسائل مفردة فقط. قلنا: خذ هذه المسائل تمكنك أو يمكّنك فهمها من الإعراب. هذا وجه يجمع جميع هذه المسائل أم لا؟، كونها تمكِّنك من الإعراب وجه لهذه المسائل، كل مسألة تشترك في هذا الوجه. إذ المسألة الأولى وهي الكلمة اسم وفعل وحرف، هذه المسألة تساعدك في الإعراب. مسألة أخرى الفاعل مرفوع، هذه مسألة من المسائل النحوية هذه أيضا تمكن هذا الطالب من الإعراب، إلى آخر المسائل.
فلذلك قلنا: هذا وجهٌ، هذه وحدة ما، هذه الوحدة تُؤهِّل هذا الطالب للشروع في هذه المسائل.
مثلا عندنا في حقيبة أمورٌ كثيرة، هذه كثرة، وسأل سائل وقال: ما الأمورُ الموجودةُ في هذه الحقيبة؟. نحن نريد أن نجيب عليه جوابا واحدا، هل يمكن أن نخبره بجميع ما في هذه الحقيبة بإجابة واحدة دفعة واحدة؟ لا يمكن، لابدّ أن نقول: فيها كذا وكذا وكذا، هذه كلّها إجابات في الحقيقة وليس جوابا واحدا. إذا كانت في هذه الحقيبة أشياء من الخشب مثلا، وأشياء من المعادن كالحديد، أمكننا أن نقول له: فيها أجسام؛ لأنَّ الجسم يجمع الخشب، ويجمع الحديد، فهذا وجه أجبنا به، واستطاع هذا السائل أن يتصور الأمور الكثيرة بأمر واحد. ما هو؟ هو كونها جسما، فاستطعنا أن نُجيبَه وأن نجعلَه يتصوّر ما في هذه الحقيبةِ من الأمورِ الكثيرةِ بأمرٍ واحدٍ وبإجابةٍ واحدة.
لكن إذا أراد أن يتصوَّرَ كلَّ شيءٍ على حدة، لا يمكن ذلك إلَّا بإجاباتٍ بأن نُجيبَ عن كلِّ شيءٍ بإجابةٍ تخصُّهُ، كما إذا قال الطالب: أنا أريد أن أعرفَ هذا العلم جزءًا جزءًا، مسألة مسألة. نقول له: لابدّ حينئذٍ من دراسة العلم مسألة مسألة. لكن إذا أراد أن يشرعَ في هذه الدراسة نُصوِّر له هذه الكثرة بأمرٍ واحدٍ.
§          إذن لابد من كثرة، أو اشتملت هذه القاعدة على كثرة، وعلى شروع في هذه الكثرة، وعلى أمر واحد وعلى تصوّر هذا الأمر الواحد. لابد من كثرة، ولابد من إرادة الشروع فيها، ولابد من الأمر الواحد الذي يجمع هذه الكثرة.
لماذا نقول: لابد من الأمر الواحد الذي يجمع هذه الكثرة؟ لأنَّهُ لو كان أمرًا واحدًا لا تدخلُ هذه الكثرةُ تحته، كأن نقول مثلا في كتاب في مسائل النحو: خذ هذه الكثرة التي هي في علم الأصول. صحيح هذه وحدة. كون الأشياء في علم أصول الفقه هذه وحدة أم لا؟ هذا وجه واحد، لكن هل هذه المسائل النحوية في علم أصول الفقه؟ ليست في علم أصول الفقه. فهذا الوجه وإن كان واحدا إلّا أنَّه لا يشمل الكثرة، فلذلك قلنا: لابد في الأمر الواحد من أن يشملَ هذه الكثرة، من أن يجمعَها.
ما هي الكثرة فيما تريدون الشروع فيه؟ هي المسائل. والشروع في هذه الكثرة هو بفهمها، أى: بفهم تصوُّرَاتِ المسائل؛ لأنَّ كلَّ مسألة فيها موضوعٌ ومحمول، فيها مبتدأٌ وخبر، فلابد من تصوُّرِ كل مفرد من المفردين، ولابدَّ من التصديقِ بنسبةِ كلِّ مسألة.
هذا هو الذي يجب على كل طالب أن يصنعَهُ في دراسته لأيِّ علمٍ، من أن يعرفَ مفردات الفنّ، ومن أن يجزمَ بنِسَبِ مسائلِهِ.
مثلا: مسألةٌ كالفاعل مرفوع، هذه مسألة من النحو. ما الذي يجب على دارسها؟ أن يعرف ما الفاعل؛ لأنَّه لو لم يعرف ذلك لا يمكن أن يحكمَ عليه؛ كيف يحكمُ على مجهول؟!. ولابدَّ من أن يعرفَ المرفوع، ما المرفوع؟، لأنّه لو لم يعلم ذلك لما أمكنه الحكم على ذلك؛ لأنَّه لا يحكم بأمر مجهول.
وهذه جُعِلت لها التعريفات في العلوم، هذا الشطر الجانب جُعِلت له التعريفات في العلوم. فيُعرِّفون الفاعل، ويُعرِّفون المرفوع، ويُعرِّفون الموضوع، ويُعرِّفون المحمول، ويُعرِّفون الإجماع، ويُعرِّفون القياس، ويُعرِّفون السنة، ويُعرِّفون القرآن، ويُعرِّفون الجوهر، والعرض، هذه كلها تعريفاتٌ تلِدُ في العلوم. لماذا؟ لأنَّ الشارعَ في العلمِ لابدَّ وأن يتصوَّرَ مفردات مسائله.
الشِّكُّ التالي هو أن يُصدِّقَ بنِسَبِ مسائلِهِ، هنا نسبةُ الرَّفعِ للفاعل لابدَّ وأن يُصدِّق أى: يَجزِم أى: يَعتقِد بأنَّ الفاعلَ مرفوع، حينئذٍ تكون قد تمَّت المسألةُ لهذا الطالب وله أن يشرعَ في غيرِها. هذا معنى قولِنا: الشروع في هذه الكثرة.
وأمّا الأمر الواحد الذي يجمع هذه الكثرة، فقد ذكر له العلماءُ أمورًا ثلاثة تسمّى بالموضوع، والحد أو التعريف، والأمر الثالث الثمرة والفائدة. هذه الأمور الثلاثة يذكرونها فيما يُسمَّى بمبادئ العلوم العشرة، إلَّا أنَّ هذه الثلاثة هي أهمُّ ما في هذه المبادئ، وهي التي نقتصرُ عليها.
أمّا الموضوعُ فالكلام فيه يطول وصعبٌ على من لم يدرس كتابا ولو صغيرا في فنِّ المنطق، فلذلك نُرجِعه إلى محله، ونتناول الحد أو التعريف في الفنِّ الذي نشرع فيه، وكذلك الثمرة. إذن لماذا نبدأ بتعريف الفنِّ؟، في أيِّ كتابٍ وفي أيِّ فنٍّ لابدَّ أن يبدأَ العلماءِ في هذا الكتاب بتعريف هذا الفن، لماذا؟ لأنها وحدةٌ تجمعُ كثرة مسائله. ولماذا بدأوا بالوحدة التي تجمع هذه الكثرة؟ لأنّه لايمكن الشروع في كثرة إلّا بتصور الوحدة. فهذه وحدة؛ لأنَّ التعريف يشمل جميع هذه المسائل.
وأمّا الثمرةُ فهي ثمرةُ هذه المسائل، فكلُّ مسألةٍ تشترك في هذه الثمرة. إذا قلنا مثلا: علم النحو ثمرته عصمة اللسان من اللحن أو من الخطإ اللسانية. هذه الفائدة، هذه الثمرة تشترك فيها كلُّ مسألةٍ من مسائل النحو أم لا؟ تشترك فيها، فلذلك كانت وحدة تجمع الكثرة، تجمع مسائل هذا العلم.
§          فلابدَّ إذن من تعريف علم، أو من تعريف المنطق. العلم قد تناولناه وتكلَّمنا عليه، لابدَّ من تعريف المنطق.
كلمة منطق إمّا أن تكون مصدرا ميميّا (هذا التعريف من جهة اللغة)، ومعنى ذلك أنَّه يدلُّ على الحدثِ على المعنى فقط ويبتدئُ بـ ميم؛ لذلك سُمِّي مصدرا ميميّا. فمنطق إذا كانت مصدرا ميميًّا تكون بمعنى: النُّطق؛ لأنّ النطق مصدر، غاية ما في الأمر أنَّ منطق خالفته في الإبتداء بـ الميم. وإمَّا أن تكون كلمة منطق اسم مكان؛ كمسجد فهو اسمُ محلِّ السجود.
فإذا كانت مصدرا ميميًّا تكون بمعنى النُّطق. والنطق عندهم يطلق على الإدراك أى: الأمر المعلوم في الذهن، والمشهورُ أنَّه يُطلَق على اللفظ؛ لأنَّ اللفظ يُنطَق فهو نُطقٌ بمعنى مَنطُوق. فكلمة منطق من جهة اللغة إذا كانت مصدرا ميميّا تكون بمعنى الإدراك، وهو أمرٌ ذهنيٌّ أو بمعنى اللفظ أو المنطوق وهو المُعبِّرُ عن الأمر الذهنيِّ، هو المُعبِّرُ عن الإدراك الكائنِ في الذهن.
وإذا كانت كلمة منطق اسمَ مكان تكون بمعنى: القوَّة العاقلة. ولاشكَّ أنَّ القوَّةَ العاقلة التي يتَّصِفُ بها الإنسان عن سائر الحيوانات والتي ميَّزه الله سبحانه وتعالى بها محلٌّ للإدراكات، فهذه القوَّة تجتمعُ فيها الإدراكات والمعلومات، فلذلك كان اسم مكان. لماذا؟ لأنَّ القوّةَ العاقلةَ محلٌّ ومكانٌ للإدراكات.
هذا من جهةِ اللغة وسنُبيِّنُ مناسبةَ التعريفِ اللغويّ للتعريف العرفيّ أو الإصطلاحيّ بعدَ تناوُلِه إن شاء الله تعالى.
أمّا في الإصطلاح: فهو علم تعصم مراعاته الذهن عن الخطإ في الفكر. المنطق: علم تعصم مراعاتُهُ الذهنَ عن الخطإِ في الفكرِ، ولابدَّ لفهمِ هذا التعريف من فهمِ مفرداتِهِ. أمَّا كلمة علم فقد تكلَّمنا عليها وهي بمعنى: المسائل، فالمنطق علمٌ تعصمُ مراعاتُهُ أى: مسائل تعصمُ مراعاةُ هذهِ المسائل أى: العمل بمقتضاها، الذهن عن الخطإ في الفكر أو في فكره؛ لأنَّ الفكر عملُ الذهن.
فـ علم، أى: مسائل. تعصم، أى: تحفظُ وتمنعُ. الذهن: وهو العقل، تعصمُ عقلَ الإنسان. عن الخطإِ في الفكرِ، عن الضَّلالِ فيما يُفكِّرُ فيه. إذن لابدَّ من تعريفِ الفكرِ لفهمِ هذه العِصمَة، كيف تكونُ هذه العصمة؟، وما الخطأ الذي يُمكِن أن يقعَ في الفكر؟.
إذن لابدَّ من الكلام على الفكر، فنقول: الفكر بمعنى: النظر، فالفكر والنظر بمعنى واحد وهو ترتيبُ أمورٍ معلومةٍ للتأدِّي إلى أمرٍ مجهولٍ. الفكر أو النظر بمعنى: ترتيب أمورٍ معلومةٍ للتأدِّي إلى أمرٍ مجهولٍ. إذا فهمنا هذا التعريف عرفنا ما هو الفكر، وإذا عرفنا الفكرَ أمكننا أن نتكلَّمَ عن الأخطاءِ التي يُمكِن أن تقعَ في هذا الفكر، وإذا عرفنا الأخطاء عرفنا كيف يعصم المنطقُ الذهنَ عن هذه الأخطاء.
***
v       س: لا شكَّ أنَّ هذا التعريف ذكره العلماءُ في بدايةِ فنِّ المنطق، فهل ينطبِقُ على كل مسألة؟
v       ج: نعم، لأنَّ علم بمعنى مسائل، ولا شكَّ أنَّ كلَّ مسألةٍ في فنِّ المنطقِ تعصمُ الذهنَ عن الخطإ في الفكر. فمثلا: إذا علمت في المنطق أنَّ الحدَّ التامَّ يتألَّفُ من جنسٍ قريبٍ وفصلٍ قريبٍ، هذه مسألة من مسائل المنطق، عصمك عِلمُ هذه المسألة من أن تُخطِئَ في تأليفِ حدٍّ.
v       وإذا علمت مثلا أنَّ كبرى الشكلِ الأوّلِ (هذا بالنسبة للتصديقات) لابدَّ وأن تكون كليًّا عصمك ذلك من أن تُألِّفَ الشكلَ الأوَّل فيه خطأ. لماذا؟ لأنّه لابدَّ له من كليّةِ الكبرى إذا رعيت ذلك فقد عصمتْك هذه المسألة من وقوعِ هذا الخطأ، من أن تكون جزئيًّا. فهذا التعريف انطبق في كلِّ مسألةٍ من مسائلِ علم المنطق.
v       س: ما المناسبة بين النطق والإدراك؟
v       ج: نحن قلنا: كلمة نطق تُطلَق على اللَّفظِ، ولا شكَّ أنَّ هذه المناسبة ظاهرة. لماذا؟ لأنَّ اللفظ يُنطَق فهو منطوق، ومنطوق مُشتقَّة من نطق فالمناسبة بَيِّنة. وأمَّا الإدراك فما مناسبة النطق للإدراك؟، نقول: لاشكَّ أنَّ الإدراك هو أوّلُ طريقِ اللَّفظِ؛ إذ اللَّفظُ لا يكونُ إلَّا عن إدراكِ أمرٍ، فأوَّلُ طريقِ اللَّفظِ هو الإدراك أن تُدرِك أمرًا ثُمَّ تُعبِّر. فمناسبتُه أنَّه متَّصِلٌ به، الإدراك متَّصِلٌ باللفظِ وهو أوَّلُه؛ لكي يتحقَّقُ النطق لابدَّ من تحقُّقِ الإدراك. فالمناسبة أو العلاقة بينهما التلازُم؛ إذ الإدراك يُلازِمُه نطقٌ والنطقُ يُلازِمه إدراك، وإن لم تكن ملازمةً كليَّةً، فهناك مناسبة.
***
ذكرنا أنّ الفكر: هو ترتيب أمور معلومة للتأدي إلى أمر مجهول. الترتيب هو وضع كل شيء في مرتبته. أمورٍ معلومةٍ، إذن لابدّ ليحصُلَ الفكر والنظر من وجودِ أمورٍ معلومةٍ للشخصِ، ولابدَّ ليحصُلَ الفكر والنظر من وجودِ أمرٍ مجهولٍ للشخصِ، يحتاجُ هذا الشخصُ إلى إدراكِ هذا الأمرِ المجهولِ –إلى العلم بهذا الأمرِ المجهول- من هذه الأمورِ المعلومة.
فإذا أمكنه أن يضعَ، أو أن يُرتِّبَ هذه الأمورَ المعلومة ترتيبًا معيَّنًا يُدرَس في هذا الفنِّ وصل بهذا الترتيب إلى إدراك الأمر المجهول. وإذا حصل ذلك سُمِّي مُفكِّرًا، وسُمِّي ما صنعه فكرا؛ لأنَّه صنع ترتيبَ أمورٍ معلومةٍ.
مثلا إذا قال إنسان: ما الكلمة. هذا أمر مجهول؛ لأنّه سأل عنه، ولا يُسأَل إلَّا عن المجهول. إذن هذا الشخص يجهلُ الكلمة ويُريدُ أن يتصوَّرَها فلابدَّ من أمورٍ معلومةٍ ينتقل من هذه الأمور المعلومة إلى هذا الأمر المجهول. فنقول له: الكلمة: قول مفردٌ، ولاشكَّ أنَّ القول والإفراد أمورٌ.
الجمع هنا يراد به ما فوق الواحد، الجمع في المنطق أو في غيره مع وجود القرائن بالنسبة لكلام المألِّفين. فـ أمور المراد بها ما فوق الواحد فتشمل الأمرين، ولاشكَّ أنَّ القول والإفراد أمران.
فهنا قلنا له: قول أى: مَقُول، مفرد أى: لا يدلُّ جزؤه على جزء معناه. فإذا ألَّفنا القول مع الإفراد حصل تصوُّرُ الكلمة. فهل هذا فكر؟ نعم، لماذا؟ لأنَّنا رتَّبنا أمورا معلومة هي: القول والمفرد، وأدَّى هذا الترتيب إلى تصوُّرِ أمرٍ مجهول هو الكلمة، فكان فكرا –فكان هذا الذي صنعه المُعرِّف وهو تأليف القول مع المفرد فكرا-.
مثلا قال إنسان: زيد إنسان، واعتقد ذلك، لماذا قلنا اعتقد ذلك؟ ليكون أمرا معلوما عنده، وعَلِم أيضا أنَّ كلَّ إنسان فهو ناطق. عَلِم أنَّ زيد إنسان، وعلم أنَّ كلَّ إنسان ناطق، لاشكَّ أنَّ هذا (زيد إنسان) أمر معلوم، وهذا (كل إنسان ناطق) أمر معلوم، فهذان أمران معلومان، إذا ألَّفَهما أى: وضع هذا القول مع هذا القول بشروط معيّنة تُدرَس في هذا الفنِّ، نَتَجَ له أمرٌ مجهول هو (زيد ناطق).
فإذا قال إنسان: هل زيد ناطق، إذن هو يجهل كونَ زيد ناطقا أم لا؟ يجهل، لماذا؟ لأنّه سأل عنه. قلنا له: نعم، لأنَّ (زيدا إنسان) (وكل إنسان ناطق) فتحصَّلَ لنا أنَّ (زيد ناطق). فهذا كان مجهولا، وهذه الأمور (زيد إنسان وكل إنسان ناطق) كانت معلومة، واقتنسنا هذا المجهول من هذه الأمور المعلومة فكان فكرا ونظرا.
فهذا معنى قولهم: (الفكر: ترتيب أمور معلومة)؛ كقول ومفرد، وكزيد إنسان وكل إنسان ناطق، (للتأدِّي إلى أمر مجهول) أى: للوصول إلى أمرٍ مجهولٍ؛ كالكلمة، وكزيد ناطق. والتأدِّي كما وضح ممَّا ذكرنا، فقد أدَّى هذا  التأليف وهو قول مفرد إلى تصوّر الكلمة، وقد أدَّى هذا التأليف وهو زيد إنسان وكل إنسان ناطق إلى إدراك زيد ناطق، فكل منهما يسّمى فكرا. غاية ما في الأمر أنَّ هذا الفكر في أمور مفردة؛ لأنَّه طُلِب به أمرٌ مجهول مفرد وهو الكلمة، هي شيء واحد، بخلاف الأمر الثاني فقد طُلِب به أمر مجهول إلَّا أنَّه ليس بمفرد، مع أنَّ كلًّا منهما فكر.
***
v       س: قلت: ترتيب أمور معلومة بشروط معيّنة وبكيفية تُعلَم في المنطق، كيف علمنا أنّها بشروط وكيف علمنا أنّ لها كيفيةً معيَّنة، من أين هذا الكلام؟.
v       ج: من معنى (ترتيب) فإنّ كلمة ترتيب معناها: وضع كلِّ شيء في مرتبته. وما مرتبته؟ وكيف نضع كل شيء في مرتبته؟، هذه هي الأمور التي قلنا: تُعلَم في المنطق.
***
لاتمام الموضوع ولمزيد الفائدة اضغط موقع الشيخ في اليوتوب أو الفيس بوك...




[1] الدرس الأول من شرح الشيخ حسام بن رمضان بن حافظ على شرح الشيخ الدمنهورى على السلّم المنورق في علم المنطق.

Comments

Popular posts from this blog

فصل في مباحث الألفاظ

https://www.facebook.com/dar.alghazali بسم الله الرحمن الرحيم [1] قال المصنِّف والشارح رحمهما الله ونفعنا بعلومهما وعلوم شيخنا في الدارين، آمين: فصل في مباحث الألفاظ ثم قال: مستعمل الألفاظ حيث يوجد * إمَّـــــا مركَّب وإمَّـــــا مفـرد فأوَّلٌ مـــا دلَّ جـــزؤه علـــى * جـزء معــناه بعــكس ما تـلا وهو على قسمين أعني المفردا * كلِّـيٌّ أو جزئـيٌّ حيث وجــدا فمــفـهــم اشــتـراك الكــلِّـيُّ * كـأســد وعكــسـه الجــزئـيُّ أقول: اللفظ إمَّا أن يكون مهملا؛ كديز، أو مستعملا؛ كزيد، ولا عبرة بالمهمل ولذلك أهمله المصنِّف. ثُمَّ المستعمل إمَّا أن يكون مفردًا، وإمَّا أن يكون مركَّبا. فالأوَّل: ما لا يدل جزؤه على جزء معناه؛ كزيد. والثاني ما دل جزؤه على جزء معناه؛ كزيد قائم. والكلام على المركَّب بقسميه –أعني ما هو في قوَّة المفرد، وما كان محضا- يأتي في المعرِّفات، والقضايا، والأقيسة. والمقصود هنا المفرد، وهو قسمان: 1)       جزئي: إن منع تصوُّر معناه من وقوع الشركة فيه؛ ك...

فصل في أنواع الدلالة الوضعية

https://www.facebook.com/dar.alghazali بسم الله الرحمن الرحيم [1] قال المصنف والشارح رحمهما الله تعالى ونفعنا بعلومهما وعلوم شيخنا في الدارين، آمين : ثُمَّ هذه الدلالة ثلاثة أقسام: مطابقية، وتضمنية، والتزامية. فالأولى: دلالة اللفظ على تمام ما وضع له؛ كدلالة الإنسان على مجموع الحيوان الناطق. والثانية: دلالة اللفظ على جزء المعنى في ضمنه؛ كدلالته على الحيوان أو الناطق في ضمن الحيوان الناطق. والثالثة دلالة اللفظ على أمر خارج عن المعنى لازم له؛ كدلالته على قبول العلم، وصنعة الكتابة على ما فيه، وهذا معنى قوله: (( دلالة اللفظ ... )) البيتين. وسُمِّيت الأولى دلالة المطابقة لمطابقة الفهم للوضع اللغويّ؛ لأنَّ الواضع وضع اللفظ ليدلَّ على المعنى بتمامه، وقد فهمناه منه بتمامه. والثانية دلالة تضمّن؛ لأنَّ الجزء في ضمن الكل. والثالثة دلالة الإلتزام؛ لأنَّ المفهوم خارج عن المعنى لازم له. وقولُهُ: (( إن بعقل التزم )) . أشار به إلى أنَّ اللازم لابدَّ أن يكون لازمًا في الذهن. سواءٌ لازم مع ذلك في الخارج؛ كلزوم الزوجية للأربعة، أم لا؛ كلزوم البصر للعمى. وأمَّا إذا كان لازمًا في ال...

فصل في أنواع العلم الحادث

source: https://www.facebook.com/Dar.alghazali بسم الله الرحمن الرحيم [1] قال المصنِّف والشارح رحمهما الله تعالى ونفعنا بعلومهما وعلوم شيخنا في الدارين آمين: إدراك مـفــــرد تـــصــــــوّر عـــلـمْ * ودرك نـســـبـة بـتـــصـديـق وســـمْ وقـــدّم الأوّل عـــنـــــد الـــوضـــعِ * لأنّـــه مــــقــــــدَّم بـــالـــطبــــــعِ والنـــظري مـــا احتـــاج للتـــأمّــــلِ * وعـكــسـه هـو الـضــروري الـجــلـِي ومـــا بـــه إلـــى تــصــــوّر وصــــلْ * يـدعــى بـقــول شـارح فـلــتـبــتـهـلْ ومـــا لـتــصـــديــق بــه تــوصـــــلا * بـحــجّــة يـعــرف عـنــد الـعــقــــلا أقول : لفظ (( *أنواع )) يخرج العلم القديم، فإنّه لا تنوّع فيه، فإتيانه بالحادث بعد ذلك تأكيدٌ وإيضاح للمبتدئ. و (( *العلم )) : معرفة المعلوم، ثمّ إنّه ينقسمُ إلى تصوّر، وإلى تصديق، وكل منهما إلى ضروري، وإلى نظريّ، فالأقسام أربعة. فإن كان إدراك معنى مفرد، فهو تصور: كإدراك معنى زيد. وإن كان إدراك وقوع نسبة، فهو تصديق:...

انقسام العلم إلى الضروري والنظري

source: https://www.facebook.com/Dar.alghazali بسم الله الرحمن الرحيم [1] قال المصنِّف رحمه الله تعالى ونفعنا بعلومه وعلوم شيخنا في الدارين آمين: إدراك مـفــــرد تـــصــــــوّر عـــلـمْ * ودرك نـســـبـة بـتـــصـديـق وســـمْ وقـــدّم الأوّل عـــنـــــد الـــوضـــعِ * لأنّـــه مــــقــــــدَّم بـــالـــطبــــــعِ والنـــظري مـــا احتـــاج للتـــأمّــــلِ * وعـكــسـه هـو الـضــروري الـجــلـِي ومـــا بـــه إلـــى تــصــــوّر وصــــلْ * يـدعــى بـقــول شـارح فـلــتـبــتـهـلْ ومـــا لـتــصـــديــق بــه تــوصـــــلا * بـحــجّــة يـعــرف عـنــد الـعــقــــلا *** بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة وأتمُّ التسليم على سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحابته الطيّبين الطاهرين. أمَّا بعد: ذكرنا في المرَّة الماضية أنَّ العلم عند المناطقة يُعرَّف بالإدراك المطلق، وهو يشمل العلم المشهور الذي هو التصديق الجازم وهو العلم عند المتكلِّمين والأصوليِّ...